القائمة الرئيسية

الصفحات

كتاب الشعر الألمعي من أقوال الأصمعي .. للكاتب علي الرفاعي

كتاب الشعر الألمعي من أقوال الأصمعي .. للكاتب علي الرفاعي 

للأصمعي دور كبير وبصمة جلية في الشعر العربي، وقصة تستحق أن نتخذها درسا لحياتنا .. هكذا كانت بداية الكاتب علي الرفاعي في كتابه الجديد عن الشاعر الأصمعي، الذي كان قد ولد في العراق وتعلم في البصرة رغم الظروف المضطربة والصعبة التي كان يعيشها ورغم كل التحديات التي كان يواجهها، لكنه كان مقبلا على العلم محبا له حيث كان يتمتع بذاكرة قوية وكان على دراية بأيام العرب وأهم أشعارهم، فصار من كبار علماء اللغة، وتتلمذ على يديه كثيرون، ووصلت شهرته للخليفة هارون الرشيد، حيث استدعاه، وكانت بدايته الحقيقية ..



يكمل الكاتب علي الرفاعي كتابه وهو يتناول إحدى أهم القصائد التي كتبها الأصمعي، ليس فقط من حيث معانيها بل بقصتها التي تحدى فيها الأصمعي، حيث عُرِف الأصمعيّ بقصيدة، قالها في بلاط الخليفة العباسيّ أبي جعفر المنصور، الذي كان يشكل تحديا صعبا بالنسبة للشعراء في فترة من الفترات حيث كان يحفظ القصيدة عند سماعها من أول مرة، وله غلام يحفظها من المرة الثانية، وكذلك جارية تحفظها من المرة الثالثة، ومحور الأمر أن الخليفة سيعطي وزن ما كُتب عليه ذهباً في حال ألقى الشاعر قصيدةً جديدة، والفكرة هنا أن لا أحد كان يعلم أن الخليفة يحفظ القصيدة من أول مرة، فأقبل الشعراء لإلقاء قصائدهم على مسمع الخليفة، فما يكون من الخليفة إلا أن يظهر أنّ القصيدة التي كتبها الشاعر قيلت سابقا ، بالرّغم من أنّ الشاعر هو من قام بتأليفها، وبعد أن ينهي الشاعر قول قصيدته يلقيها الخليفة، ثمّ ينادي كلُاً من الغلام والجارية، ليلقيان القصيدة بعده، وبسبب ذلك استسلم الشعراء وخابت آمالهم،

وحين سمع الأصمعي بذلك كان له رأي مغاير عن باقي الشعراء حيث أعدّ قصيدةً صعبة المعاني ووعرة اللفظ ، وذهب للخليفة ليلقي قصيدته عليه، وقال: "إن لدي قصيدة أود أن ألقيها عليك ولا أعتقد أنك سمعتها من قبل"، فألقى عليه القصيدة، وذلك بعضا مما قال فيها :

صَوتُ صَفِيرِ البُلبُلِ

هَيَّجَ قَلبِي التَمِلِ

الماءُ وَالزَهرُ مَعاً

مَع زَهرِ لَحظِ المُقَلِ

وَأَنتَ يا سَيِّدَ لِي

وَسَيِّدِي وَمَولى لِي

فَكَم فَكَم تَيَمَّنِي

غُزَيِّلٌ عَقَيقَلي

قَطَّفتَهُ مِن وَجنَةٍ

مِن لَثمِ وَردِ الخَجَل

وتابع الأصمعي حتى انتهى من قصيدته، وأسقط في يد الخليفة ولم يدري ما يقول فهو لم يحفظها لصعوبتها وغزارة معانيها وتشابه ألفاظها، ولم يستطع كل من الغلام والجارية حفظها، وكان الأصمعي قد كتب قصيدته على عمود من الرخام ورثه من أبيه، وتم وزن العمود ووضع الذهب مقابله حتى فرغت خزينة الخليفة، ثم اكتشف الخليفة حيلة الأصمعي، حيث كان متنكرا بزي أعرابي فقير، حينها أعاد للخليفة ماله بشرط أن يعطي الشعراء حقهم فيما يكتبون وأجاب طلبه بالفعل.

يلفت الكاتب علي الرفاعي انتباه القارئ إلى طريقة التفكير المختلفة لهذا الشاعر الفحل، وكيف يحول الظروف الصعبة إلى فرصة يستفيد منها لصالحه، بل ولصالح الشعراء زملائه، فهو ينتصر للحق بالحق، وهنا مربط الفرس كما يقال.

تعليقات